top of page
  • Instagram
Search

الفن في مواجهة جلد الذات

Updated: Jul 24, 2024


وابل: عمل يجسد تجربة جلد الذات

قبل بضع سنوات وقبل أن يرزقنا الله بمريم، كنت أعاني بشدة من قسوة الناقد الداخلي وتجسد هذه القسوة في نوع من التأنيب وجلد الذات. صوت الانتقاد ومشاعر متضاربة تجاه ما أردت تحقيقه كان عرض واضح وقوي ومؤثر على جودة حياتي وقدرتي على تحقيق نجاحات شخصية. جزء من هذا له علاقتي بأنني متعدد الاهتمامات وأحب أن أتعلم واستكشف عوالم مختلفة أحيانا ومتشابكة في كثير من الأوقات. وأتنقل بدون تنظيم كبير أو احساس بوجود نوع من الحدود بين المهام. أريد هنا أن أشارككم تجربتي الفنية مع مسألة جلد الذات وكيف تمكنك من تهذيب هذه النزعة والتعامل مع الصوت المؤنب بخفة أكثر.


كنت في تلك الفترة مهتما بشكل كبير بالكتابة والرسم، وأعيش إدراكا بأنني بعد سنتين من الزواج قد وجدت نفسي أنزلق في روتين العمل اليومي والبيت. وأسوف في اتصالي مع ذاتي ومع الأشياء التي تصلني بحبي للكتابة والرسم والموسيقى. كنت ألوم جزءا من هذا على وجودي في علاقة زوجية. وكنت أتعذر بأنني لو كنت وحدي لكنت أكثر اتصالا بهذا الجزء من إيثار.


ثم دارت الأيام لتضعني وجها لوجه مع ادعائي. كانت زوجتي الهدهد مرام تخطط للسفر وحدها إلى تركيا ووجدتني أرحب بالفرصة. دار في بالي أنني سأكون في البيت وحيدا كما في الأيام الخوالي. وأمارس ما يحبه قلبي في الخلوة كما كنت أفعل. امتلأ جدولي بالخطط التي انوي تحقيقها في هذه الفرصة وصار عندي تطلع كبير نحوها. 


تكسرت هذه الأحلام على ارض الواقع. وسرعان ما وجدت نفسي في البيت لا أعرف ايش اعمل بنفسي. ضاع اليوم تلو الآخر في فعل أي شيء إلا ما خططت لفعله. أحسست أنني تائه ولا أعرف من أي ابدأ. ومن هذا الشعور بالتوهان، ارتفع صوت داخلي في غاية القسوة يذكرني بالوقت الضائع والنشاطات الخاوية ويقلل مني. إن جلد الذات نوع من التنمر الداخلي والذي يحصل بينك وبين نفسك وتعانيه غالبا في صمت.  


لاحظت أيضا أن الصوت المتنمر قد رافقه مجموعة من الاعراض: ثقل في منطقة الجبين.. حركة مستمرة وصعوبة في التركيز على مهمة واحدة.. برودة في الاطراف.. ضيق في الصدر.. مشاعر غضب.. مشاعر عجز.. تعب مستمر.. ولوم مستمر. 


وبعد ما قضيت يومين في هذه الدوامة المزعجة. اشتد الألم والغضب وانتابتني مشاعر بالجزع واليأس وبأنني ما عدت أنا الذي عرفته. ومن عز الوجع لمعت في ذهني فكرة.. هذا الصوت المؤنب اللوام الذي رافقني في كل خطوة يستحق أن أقف عنده.. وأصوره. أردت أن أراه وأن يخرج من تلافيف دماغي إلى الورق. 


انتابتني حماسة مفاجأة وتوجهت نحو مرسمي ودون تكلف كثير بدأت برسم الشخصية المؤنبة القاسية. استحضرت كل حواراتي مع نفسي والمشاعر التي مررت بها وما حصل في جسدي. ثم بدأت بالرسم لتخرج شخصية "وابل".. الشخصية التي ترمي عليك تهم التقصير وتعنفك.. وتعنيفها مثل وابل مطري قوي قهري لا يتوقف. قطراتها حادة وجارحة. صوت جنهمي موجع تتعذب منه الأفئدة وتتعصر من هوله الأحشاء وتثقل من حمله الأكتاف. 


ولد "وابل" وولد معه الوعي.. وصرت كلما زارتني مشاعر التأنيب أرى وجهه وأسمع صوته الأجش.. يقلل.. يسخف.. يؤنب. وبدأت من هذا الوعي اجرب ردات فعل جديدة تجاهه. صرت اعرفه واعرف صوته واعرف المشاعر التي يوقظها واعرف الاحاسيس الجسدية التي ترافق هذا الوابل المخيف. ورويدا رويدا بدأت اتعلم كيف أخاطبه وكيف اعامله. ووعيت أنه رغم قسوته صوت محب بطريقته الغريبة يسعى لحمايتي.. يكره ألا اتواصل مع نفسي.. ويكره اكثر ما يكره: محاولتي للهرب منه. وأن طريقته في التعبير هي ماهي. لكن الفرق يكمن في طريقة استجابتي له. 


طورت مجموعة من الادوات للتعامل معه كلما زارني صوته. أجلس وحيدا.. وأحس بصوته في جسمي. دبيب احتجاجه ووابل مطره على رأسي وكيف يجثم على صدري. أجلس مع المشاعر التي يثيرها.. مع اليأس والغضب واللوم. اعطيه خمس دقائق ليعبر وليمر. ثم أعانق جسدي لأذكره بأنني اتلقى الرسالة. ثم اعبر بالفن.. اغني أو ارسم أو اعزف أو اترك ليدي حرية التعبير بطريقة zen doodles. وشيئا فشيئا يذوي الصوت ويذوب في انهماكي في ما اعمل وتتحول طاقته المخيفة إلى طاقة خلاقة. 




 
 
 

Comments


للتعاون وفرص العمل المشتركة

رقم الهاتف

0509872235

support-team@etharibnhoud.com

اعرف أكثر

شكرا لاهتمامك

تواصل مع فريقنا

شكرا على تواصلك

© 2035 by George Lambert. Powered and secured by Wix

bottom of page